وزارة الأوقاف صوت الدعاة خطبة الجمعة القادمة 20-1-2023، من اكتر الموضوعات بحثاً علي محرك البحث العالمي «جوجل»، وجاءت خطبة الجمعة القادمة بعنوان : ادخلوا في السلم كافة : السلام النفسي والمجتمعي والدولي ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 27 جمادي الآخرة 1444هـ ، الموافق 20 يناير 2023م.
وزارة الأوقاف صوت الدعاة خطبة الجمعة القادمة
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 20 يناير 2023م بعنوان : ادخلوا في السلم كافة : السلام النفسي والمجتمعي والدولي : كما يلي:
الحَمْدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ البقرة: 208،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وليُّ الصالحين، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ مِن خلقهِ وحبيبُه، القائلُ كما في حديثِ ثَوْبان رضي اللهٌ عنه قال: كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا انْصَرَفَ مِن صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ((رواه مسلم ، فاللهم صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.
أمَّا بعدٌ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ))يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ((الحشر: 18 عبادَ اللهِ:(( ادخلُوا في السلمِ كافةً بل إنْ شئتَ فقلْ((السلامَ النفسِي والمجتمعِي والدولِي))عنوانُ وزارتنِا وعنوانُ خطبتِنَا
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولًا: عنوانُ الإسلامِ هو السلامُ:
أيُّها السادةُ: إنَّ السلامَ بمفهومهِ السلمِي هو أمنيةٌ ورغبةٌ أكيدةٌ يتمناهَا كلُّ إنسانٍ يعيشُ على هذه الأرضِ، فالسلامُ يشملُ جميعَ مناحِي الحياةِ، ويشملُ الأفرادَ والمجتمعاتِ والشعوبَ والقبائلَ، فإنْ وُجِدَ السلامُ انتفتْ الحروبُ والضغائنُ بينَ الناسٍ، وعمَّت الراحةُ والطمأنينةُ والحريّةُ والمحبةُ والمودةُ بين الشعوبِ.. فالسلامُ ضرورةٌ حضاريةٌ طرحَها الإسلامُ منذ قرونٍ عديدةٍ مِن الزمنِ باعتبارِه ضرورةً لكلِّ مناحِي الحياةِ البشريةِ ابتداءً مِن الفردِ وانتهاءً بالعالمِ أجمع فبه يتأسسُ ويتطورُ المجتمعُ.
وكيف لا ؟ ودينُنَا هو دينُ السلامِ ، ونبيُّنَا هو نبيُّ السلامِ، وشريعتُنَا هي السلامُ، وقرآنُنَا هو قرآنُ السلام ،واللهُ جلَّ وعلَا هو السلامُ ، والجنةُ هي دارُ السلامِ ، وتحيتُنَا هي السلامُ، وشعارُ أهلِ الإيمان : السلامُ. وحاجةُ الإنسانيَّةِ إلى السلام ِغرِيزةٌ فِطريَّة، وضرورةٌ بشريَّة، ومصلَحةٌ شرعيَّة؛ إذ لا بِناءَ ولا إعمار، ولا رُقِيَّ ولا ازدِهار، ولا تنمِيةَ ولا ابتِكارَ إلَّا بالسلامِ، وضِدّهُ الدَّمارُ والخرابُ والهلاكُ والبَوَارُ.….يا ربِّ سلم وتأملُوا أيُّها السادةُ: إلى قمةِ الرحمةِ و السلامِ في حياةِ سيدِ الأصفياءِ صلّى اللهُ عليه وسلم عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فِيهِ قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ أَحْرَقْنَاهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُعَذِّبُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَعَزَّ، فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا خَالِقُهَا»، وَقَالَ: وَمَرَرْنَا بِشَجَرٍ فِيهَا فَرِيخَا حُمَّرَةَ، فَأَخَذْنَاهَا، فَجَاءَتْ حُمَّرَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ تُعَرِّشُ فَقَالَ: «مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِفَرْخِهَا؟»، قَالَ: «فَرُدُّوهَا إِلَى مَوْضِعَهَا» فَرَدَدْنَاهَا ))
وكيف لا ؟ والإسلامُ دينُ السِّلمِ والسلامِ، والوِفاقِ والوِئامِ، والإخوةِ والمحبةِ وكيف لا؟ وكلمةُ السلامِ مُشتقَّةٌ مِن الإسلامِ وكيف لا ؟واللهُ جلَّ وعلا جمعَ بينَ الإيمانِ والإخوةِ، قال ربُّنَا: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات10(، فالمؤمنونَ جميعًا كأنهم روحٌ واحدةٌ، جسدٌ واحدٌ وصدقَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ يقولُ كما في صحيح مسلم مِن حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى(( ولا شكَّ أنَّ السَّلامَ هدفٌ أسمَى للشرائعِ السماويةِ كلِّهَا، ومِن أهمِّ غاياتِهَا في الأرضِ، ومِن ثمَّ جاءتْ الرسالاتُ مُؤَكِّدةً ضرورةَ المعاملةِ في ضوءِ السلمِ النفسِي والأسرِى والمجتمعِي، فهذا نوحٌ عليه السلامُ يخاطبُهُ ربُّه بقولِه تعالَى: (يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ) سورة هود 48، وهذا إبراهيمُ عليه السلامُ لمَّا وصلَ مع أبِيهِ إلى نقطةٍ لا يمكنُ معها الاتفاقُ، وأصرَّ أبوهُ على طردِه، فما نالَ منه أو أساءَ إليه، وإنِّما قالَ كما قالَ القرآنُ: ))قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِى يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِى مَلِيًّا قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّى إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيًّا)سورة مريم 46، فمعَ كلِّ هذا الوعيدِ والتهديدِ مِن والد ِإبراهيمَ عليه السلام ، لم يقابلْهُ إبراهيمُ إلّا بالسلامِ ، سلامٍ مع النفسِ، وسلامٍ مع الآخرِ، وسلامٍ مع الكونِ كلِّه، ومقابلةِ السيئةِ بالحسنةِ(( قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّى إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيًّا ))، وهذا عيسى عليه السلامُ يلقِى السلامَ على نفسِه، فيقولُ((وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا )) مريم 33))
والسلامُ هو الشعارُ الأولُ للإسلامِ بنصِّ القرآنِ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)) البقرة: 208 والسلامُ هو الطُّمأنينةُ والسكينةُ والاستقرارُ والراحةُ والهدوءُ، والسلامُ هو أمانُ الفردِ على النفسِ والمالِ، والسلامُ هو الذي يُقرِّرُ العبوديةَ لربِّ الأربابِ، ويُؤمِنُ به سبحانَه ربًّا خالقًا رازِقًا لا معبودَ غيره ولا ربَّ سِواه، والسلامُ الذي شرَعَه اللهُ الملكُ القدُّوسُ السلامُ الذي لا يأتيهِ الباطلُ مِن بينِ يدَيْهِ ولا مِن خلفِه تنزيلٌ مِن حكيمٍ حميدٍ، السلامُ من ربِّ البشر إلى البشرِ، والسلامُ هو الإسلامُ قال ربُّنَا: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾النساء125والسلامُ اسمٌ مِن أسماءِ اللهِ – جلَّ وعلا قالَ ربُّنَا ﴿ هو السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ﴾ الحشر: 23 والسلامُ معناهُ ذو السلامةِ الّذي يملكُ السّلام ، أي: سلمَ في ذاتِه عن كلِّ عيبٍ، وفي صفاتِه عن كلِّ نقصٍ وآفةٍ, وفي أفعالِه عن كلِّ شرِّ، والجنةُ هي دارُ السلامِ قال ربُّنا((وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ))يونس: 25، وقال جلَّ وعلَا ((لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ ))الأنعام: 127.
وتحيةُ أهلِ الجنةِ السلام: قال اللهُ ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ الرعد: 23، 24،وقال سبحانه: ﴿ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ يونس: 10، وحياةُ المؤمنينَ في الجنةِ سلام، كما وصفَها اللهُ بقولِه: ﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ﴾ الواقعة: 25، 26 بل لا يدخلُ الجنةَ إلّا مَن أتَى اللهَ بقلبٍ سليمٍ قال ربُّنَا: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ))الشعراء: 89؛ أي: سليمٌ مِن الكفرِ والشركِ يا سادة.واليهودُ يحسُدُون المسلمينَ على السلامِ: لما رواه ابن ماجه في سننِه و أحمدُ في مسندِه عَنْ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها عَنِ النَّبِيِّ -صلّى اللهُ عليه وسلم- قَالَ: « مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلاَمِ وَالتَّأْمِينِ (( وتحيةُ أهلِ الدنيا السلامُ روى الشيخانِ البخاري ومسلم فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: « خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ . فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ . فَقَالُوا السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ . فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ . فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ ، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ)) فالسلامُ أمانٌ مِن المسلمِ ,ودعاءٌ بالرحمةِ، والسلامةُ لِمَن يسلمُ عليه ، وتحقيقُ الاطمئنانِ بين المسلمينَ لذا قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كما في حديثِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم : والَّذي نفسي بيدِه لا تدخلوا الجنَّةَ حتَّى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا أولا أدلُّكم علَى شيءٍ إذا فعلتُموهُ تحاببتُم أفشوا السَّلامَ بينَكم))رواه مسلم, وفي الصحيحينِ مِن حديثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو – رضى اللهُ عنهما – أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ – صلّى اللهُ عليه وسلم – أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ ): تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ(( و لمَّا قدمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ المدينةَ َالمنورةَ التي أنارَت واستنارَت بقدومِه قال عبدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ فَجِئْتُ في النَّاسِ، لأنظرَ، فلمَّا تبيَّنتُ وجهَهُ، عرفتُ أنَّ وجهَهُ ليسَ بوَجهِ كذَّابٍ، فَكانَ أوَّلُ شيءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ، أن قالَ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ، وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ(( رواه الترمذي وابن ماجه والدرامي وأحمد بإسناد صحيح.ومن حقِّ المسلمِ على المسلمِ السلام روى الشيخان في صحيحَهما أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ – رضى اللهُ عنه – قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – يَقُولُ « حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ رَدُّ السَّلاَمِ ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ ((وَقَالَ عَمَّارٌ رضى اللهُ عنه:(( ثَلاَثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ :الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ ، وَبَذْلُ السَّلاَمِ لِلْعَالَمِ ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ)) ذكره البخاري في الصحيح.والسلامُ والمصافحةُ سببٌ في تكفيرِ السيئاتِ، ومحوُ الخطيئاتِ؛ فعن البراءِ بنِ عازبٍ -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهِ – صلّى اللهُ عليه وسلم ))مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا)) رواه أبو داود والترمذي وأحمد بإسناد صحيح.وعن حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ عَنِ النَّبِيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلم – إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا لَقِيَ الْمُؤْمِنَ ،فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ،وَأَخَذَ بِيَدِهِ فَصَافَحَهُ تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا ،كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرِ((رواه الطبراني في الأوسط .
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيــــًا : ضوابطٌ وضعَهَا الإسلامُ لتحقيقِ السلامٍ
أيُّها السادةُ: إنَّ للسلامِ العالمِي شأنًا عظيمًا في الإسلامِ، فما كان أمرًا شخصيًّا ولا هدفًا قوميًّا أو وطنيًّا بل كان عالميًّا وشموليًّا، فالسلامُ هو الأصلُ الذي يجبُ أنْ يسودَ العلاقاتِ بينَ الناسِ جميعًا.فالمولَى جلَّ وعلَا عندما خلقَ البشرَ لم يخلقُهم ليتعادُوا أو يتناحرُوا ويستعبد بعضُهُم بعضًا، وإنَّما خلقَهُم ليتعارفُوا ويتآلَفوا ويعينَ بعضُهُم بعضًا، فالإسلامُ يدعو الى استقرارِ المسلمينَ واستقرارِ غيرِهِم مِمّن يعيشُون على هذه الأرضِ، ويكشفُ لنا التاريخُ أنَّ جميعَ الحضاراتِ كانتْ تواقةً مِن أجلِ تحقيقِ السلامِ العالمِي.
لذا كان هناك ضوابطٌ وقوانينٌ وضعَهَا الإسلامُ للمحافظةِ على السلامِ العالمِي لينعمَ الناسُ في هدوءٍ وسكينةٍ، مِن هذه القوانينِ والشروطِ: المساواةُ بينَ الشعوبِ بعضهَا البعض، والإسلامُ يُقرِّرُ أنَّ الناسَ، بغضِّ النظرِ عن اختلافِ معتقداتِهِم وألوانِهِم وألسنتِهِم ينتمونَ إلى أصلٍ واحدٍ، فهم إخوةٌ في الإنسانيةِ. ففي خطبةِ الوادعِ كما في حديثِ ابنِ عمرَ بإسنادٍ صحيحٍ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم خطبَ الناسَ يومَ فتحِ مكةَ فقالً: (يا أيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ قد أذهبَ عنكم عُبِّيَّةَ الجاهليَّةِ وتعاظمَها بآبائِها فالنَّاسُ رجلانِ: برٌّ تقيٌّ كريمٌ على اللَّهِ، وفاجرٌ شقيٌّ هيِّنٌ على اللَّهِ، والنَّاسُ بنو آدمَ، وخلقَ اللَّهُ آدمَ من الترابِ، قالَ اللَّهُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)). (صحيح الترمذي:3270)
ومن هذه القوانين: الوفاءُ بالعهودِ، ومنعُ العدوانِ، وإيثارُ السلمِ على الحربِ إلَّا للضرورةِ وإقامةِ العدلِ والإنصافِ، ودفعِ الظلمِ، مِن القواعدِ الأساسيةِ لتحقيقِ السلامِ بينَ الشعوبِ والمجتمعاتِ، فلا يعتدِي أحدٌ على حقِّ أحدٍ، ولا يظلمُ أحدٌ أحدًا، فالإسلامُ يسعَى دائمًا إلى استقرارِ الأمةِ الإسلاميةِ، كمَا يسعَى إلى استقرارِ علاقاتِ المسلمينَ بالأممِ الأُخرى.قال جلَّ وعلا مخاطبًا نبيَّهُ صلَّى اللهُ عليه وسلم ((وإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )) الانفال61
من هذه القوانين: أنُ يسلمَ الناسُ في كلِّ مكانٍ مِن شَرِّكَ ولسانِكَ ويدِكَ، فالمسلمُ الحقيقيُّ تظهرُ حقيقةُ إسلامِهِ أولَ ما تظهرُ في لسانِه ويدهِ كما في البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ)) الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ(( رواه البخاري
من هذه القوانين::تعزيزُ التعايشِ السلمِي وإشاعةُ التراحمِ بينَ الناسِ ونبذُ العنفِ والتطرفِ بكلِّ صورهِ ومظاهرهِ، قال جلَّ وعلا(( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ))وكذلك نشرُ ثقافةِ الحوارِ الهادفِ بينَ أتباعِ الأديانِ والثقافاتِ لمواجهةِ المشكلاتِ وتحقيقِ السلامِ بينَ مكوناتِ المجتمعاتِ الإنسانيةِ وتعزيزِ جهودِ المؤسساتِ الدينيةِ والثقافيةِ في ذلك.
أقرأ أيضاً
أسماء الشهور القبطية بالترتيب 2023