ثقافة
أخر الأخبار

ريفيو روايه مخمل حزامه حبايب

مراجعه ل روايه حزامه حبايب

#ريفيو رواية مخمل….
حزامة حبايب….
رواية مخمل المنشورة عام٢٠١٦ هي إحدى أعمال الروائية والأديبة الفلسطينية حزامة حبايب والتي نالت عنها جائزة نجيب محفوظ عام٢٠١٧ …
رواية الشتات والنزوح والبعد عن الأرض بعيون أنثوية لمحت معنى القهر في عيون أب ظل يخبىء بين جدران روحه حلم العودة يوما إلى وطن يسكنه دوما…
هي ليست رواية سياسية كما قد يظن البعض … وإنما هي كما وَصَفها الدكتور رشيد العناني، أحد أعضاء لجنة اختيار جائزة نجيب محفوظ للأدب بقوله : “هي ليست رواية عن القضية السياسية أو المقاومة أو حلم العودة؛ بل هي رواية عن عامّة الفلسطينيين الذين يخوضون غمار حيواتهم في الكواليس من دون أن يثيروا اهتمام أحد ومن دون توثيق لهم، بينما تحتل دراميات السياسة واجهة المسرح”.
هي تتحدث عن النازح المهاجر عنوة…البعيد عن وطنه قسرا …ترصد حياته هناك في المخيمات حيث المعاناة بأشكالها المختلفة…
مخمل رواية فضاؤها المكاني مخيم البقعة في الأردن …المكان الذي يحتشد فيه الكثير من الفلسطينيين الذين اضُطروا إلى الرحيل عن وطنهم مهجرين…فحملوا معهم صنوفا من الحسرات والآهات…
لكن الروائية لا تجعل من هذه الأحداث المريرة محور روايتها…إنما تتبع خصوصيات أفرادها …كاشفة عما يجري في ظلمات البيوت المغلقة على أهلها على نحو نكاد لا نقبله مع أننا نقرّ بوجوده عند البعض ممن يعانون أمراضا نفسية دفينة وضعفا دينيا لا يردعهم عن كبح شهواتهم الحيوانية…
شخصية ” حوا ” هي نواة الرواية وبؤرتها الأساسية….من خلالها حاولت حزامة تتبع حيوات شخصياتها واقتفاء أثر كل واحد منها في تشكيل صورة المجتمع المصغر هناك بإفرازاته المختلفة…
حوا التي رسمت لنا ذاكرتها _منزل ذويها ومن ثم زوجها وما بينهما من مساحات …وما قضته من وقت في بيت الست قمر_ الخياطة السورية التي علمتها كيف تحب الحياة قبل أن تحب القماش والمقص_صورة لحال المجتمعات المتقوقعة على أهلها…نقلت لنا كيف تخفي البيوت الكثير من الأسرار التي قد تكون مرة فاضحة تحتاج إلى الستر….وكيف تستند الجدران المتهالكة على معاناة أطفال يستيقظون كل يوم على صراخ آباء جشعين وأمهات صاغرات لا حول لهن ولا قوة…تراقب عن كثب التحولات النفسية لكل منهم بقراءتها الداخلية لمسارهم…أبناء ماعادوا يثقون بمن حولهم…وبنات يحاولن تدارك كرامتهن التي أضحت تدنس ممن امتهنوا الدوس على شرف الغير دون ضمير رادع أو دين واق…
بيئة مصغرة مدثرة بردائها الخاص المؤثر في سير ساكنيها …لكنها دون شك تعكس أثرا أكبر ذا عمق واضح…
لماذا حوا…؟؟؟
ولماذا الخيط والمقص…؟؟؟
ثارت في نفسي تلك التساؤلات وما يشبهها…ما علاقة الأنثى الخياطة بما أرادت الروائية من القارىء الوقوف عليه……؟؟؟
أرى أن مهنة الخياطة بما فيها من أقمشة متعددة وعمليات رتق وتفصيل وإعادة تجميل ما هي إلا انعكاسات لدورات الحياة الإنسانية بأشكالها المختلفة….حوا الأنثى التي حلمت كثيرا شأنها شأن غيرها من النساء المهمشات اللاتي يبحثن عن الارتقاء والانعتاق وإعادة البعث من جديد…كقطع القماش التي تحاول الخياطة قصها وتشكيلها بما يتلاءم مع كل هيئة وذوق تحت صرير ماكينة الحبك والغرزة لتخرج بحلة جديدة متناسقة لا تشبه ما كانت عليه…تضفي جمالا خاصا على هيئة من يرتديها….ولا شك أن من أجمل الأنسجة وأثمنها والتي تظهر جماليات القوام هو المخمل لما فيه من نعومة وجاذبية خاصة… لذا هو المفضل وله الحظوة عند الكثيرات ممن يبحثن عن التميز الجمالي…لذا فاختيار حزامة له عنوانا جاء مدروسا بعناية ليتناسب وقوام الرواية ونسيجها العام…حيث حاولت من خلال الشخصيات تجاوز عشوائية الرقعات المكانية بما فيها من قتامة وظلمات وبشاعة بإعادة بنائها من جديد وإقصائها عن منابع الشرور التي عاشت قربها زمنا طويلا…سعت لأن تأخذ بيد حوا الحالمة نحو مكان مخملي أكثر نظافة وإشراقا ولمعانا….ثوب جديد يليق بأمانيها البسيطة التي تشبه روحها الرقيقة والمتمردة على سواد ما يحيط بها….
إنها لا تتحدث عن صور عابرة…بل عن فتات مجتمع كان وأراه ما يزال يفتقر إلى أساسيات العيش بشقيها المادي والأخلاقي…فتات مبعثر هنا وهناك لكنه موجود يسلب من يعيش فيه حريته ويمتهن كرامته…كقطع الأقمشة المركونة هنا وهناك لا فائدة منها لأنها لا تفي بالغرض….
حزامة أجادت وبرعت في جعلنا نعيش تفاصيل الحكاية نرى الأزقة ونمرّ فيها متبرمين لكثرة ما فيها من عثرات مقيتة….أخذتنا إلى عالم الأقمشة البديع… ومثّلت لنا من قصاصاته وألوانه وترتيب نسيجه عالما فريدا يعكس أطياف العالم في تلك الرقعة ….
إنها رواية المرأة المرهفة الإحساس… التي تمتلك رقة مكبوتة تدفعها للمضي نحو حلمها بالخفاء كي لا ينتزعها منه أحد أو يسلبها إياه….إنها إحدى الولادات بمراقبة أطبّاء جدد ودراسات ومواد مختلفة….
المراجعه بقلم ✍️ ريم أحمد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!